Open/Close Menu Saudi Arabia

لا يخفى علينا جميعاً ما للمعلم من دور محوري ومؤثر في أي نظام تعليمي، إذ تكاد تجمع التجارب والممارسات العالمية الناجحة في هذا المجال أنه لا يمكن لأي نظام تعليمي أن يتجاوز مستوى المعلمين فيه. إذ يُعد المعلم من أهم أدوات النهضة والتقدم لدى الأمم والشعوب، وإظهار مواطن الإبداع لدى الطلبة، والركيزة الرئيسة في المنظومة التربوية والتعليمية والمؤثرة في مستوى جودة التعليم وتميزه.  وتتضح أهمية دور المعلمين (أبطال التعليم) ومشاركتهم الفاعلة في عمليات التعليم والتعلم في ظل جائحة كورونا، وإغلاق المدارس حضورياً، والتحول المفاجئ إلى أنظمة التعليم والتعلم الالكتروني.

ونظراً للدور المحوري الذي يؤديه المعلمون في تيسير التعليم المتميز وإتاحته للجميع، خصصت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 (الهدف الرابع المعني بالتعليم): ” ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”.  كما خصصت الخطة إطار عمل التعليم 2030 أهدافاً محددة للمعلمين (الهدف الرابع (ج) من أهداف التنمية المستدامة) والذي يتعلق بالزيادة الكبيرة في أعداد المعلمين المؤهلين.

والحقيقة أن الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في الخامس من أكتوبر في كل عام يحفزنا لبذل المزيد في تكريم المعلمين والاحتفاء بهم ورفع مكانتهم في مجتمعاتهم، والارتقاء بمهنة التعليم والنهوض بها.  ويركز الاحتفاء باليوم العالمي للمعلمين هذا العام الذي يأتي تحت شعار “المعلمون في قلب التعافي التعليمي” على مساهمات المعلمين في عمليات التعافي بعد جائحة كورونا بشكل خاص، وأثر هذه الأزمة على منظومة التعليم والتعلم في جميع دول العالم. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من دول العالم منذ أكثر من سنة ونصف للتغلب على أزمة كورونا، لاتزال الكثير من أنظمة التعليم تعاني من اضطرابات في عملية التعليم والتعليم، الذي يتوقع أن يؤدي المعلمون دوراً محورياً ومضاعفاً في عمليات التعافي واستئناف رحلة التعليم والتعلم إلى المدرسة، مما يتطلب دعماً إضافياً للمعلمين من المجتمع بأسره لتأدية دورهم بسهولة ويسر.

وعلى الرغم من تأثير جائحة كورونا على التعليم والتعلم، إلاّ أن هذه المحنة تحولت إلى منحة في كثير من الأحيان توفرت خلالها العديد من الفرص، حيث تحول التعليم الحضوري في المدرسة إلى التعلم عن بعد عبر منصات افتراضية عبر الانترنت، وأحياناً عبر التعلم الهجين، مما أظهر قدرات وإبداعات كامنة لدى المعلمين لم تكن لتظهر لولا تلك الأزمة تمثلت في الاستجابة الفاعلة والسريعة لمتطلبات التعلم الالكتروني وأساليبه المختلفة. كما أسهمت تلك الأزمة الكور ونية في تجسير العلاقة بين منظومة التعليم والمجتمع بأسره بما في ذلك أولياء أمور الطلبة وأصحاب المصلحة في المساهمة في تشخيص المشاكل التي توثر على عملية التعليم والتعلم وإيجاد الحلول العملية المناسبة لها.

إن تنامي الدور المرتقب للمعلمين في ظل التعافي التعليمي يستوجب من المعلمين والمعلمات التركيز على المزيد من الإبداع والابتكار في كيفية نقل المعرفة والتفاعل مع المتعلمين واستخدام أمثل للتقنية من أجل التأقلم مع الوضع الجديد للتعليم بعد التعافي من آثار أزمة كورونا، وفي الوقت نفسه تحقيق الجودة المنشودة والتغلب على اضطرابات التعلم والخسائر التي تكبدتها الدول جرّاء ذلك.

إن مبادرة المملكة العربية السعودية لإنشاء مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في تحت مظلة منظمة اليونسكو لتعزيز الجودة والتميز في التعليم الوطن العربي يأتي ضمن سعيها المستمر للإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ولاسيما الهدف الرابع. كما أن حصول المملكة العربية السعودية على مقعد الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الدولي للمعلمين بالمشاركة مع دولة النرويج، بدعم مستمر من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – حفظهما الله – يعكس الحضور الفاعل والمؤثر للمملكة في المنظمات والهيئات واللجان الدولية في المجال التعليمي والتربوي، ويوضح الدعم غير المحدود الذي توليه القيادة الرشيدة  – أيدها الله – للتعليم ورفع مكانة المعلمين، وتعزيز الجودة والتميز في العملية التعليمية محلياً وإقليمياً وعالمياً.

ولكون المعلم يأتي في قلب العملية التعليمية، وهو أحد العناصر المهمة والفعالة في تعزيز جودة التعليم وتميزه وجعله واقعاً ملموساً، يضع مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم قضية جودة المعلمين ضمن أولوياته الرئيسية حيث نفذ مجموعة متنوعة من المشاريع والدراسات البحثية لتعزيز جودة المعلمين في الدول العربية.

ختاماً .. كل عام وأنت – أخي المعلم أكثر إبداعاً وتميزاً وتطوراً ومحباً لمهنتك وحريصاً على طلابك، و كما قال الرافعي: “المُعَلِّمُ ثَالِثُ الأَبَوَيْنِ، فَلْيَنْظُرْ كيفَ يأبُوْ، حِينَ يَنظُرُ كَيفَ يُعَلِّمُ”. شكراً معلمينا ومعلماتنا على جهودكم المتميزة في صناعة مستقبل واعد ومشرق لأبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات.

Categoryالاخبار

Please Contact Us at        +966-920003217