مقدمة
يشهد العالم من حولنا أحداثًا وتغيّراتٍ سريعة الوتيرة تضع صانعي السياسات أمام كمٍّ هائلٍ من المهمات والقرارات التي عليهم أن يتخذوها كل يوم، وهو الأمر الذي قد يثقل كاهلهم لناحية إيجاد الوقت الكافي للتعامل مع تلك المتغيرات جميعها، وتاليًا قد يجدون أنفسهم في حال وقوعِ أزمةٍ أو أمرٍ طارئٍ أمام معضلاتٍ ومشكلاتٍ مركّبة، تُراكم عليهم الضغوط وقد تتركهم أسرى للآنية في اتخاذ القرارات، والتي قد تصيب حينًا وتخطئ أحيانًا أخرى. وفي أوقات الأزمات، سواء كانت كوارث طبيعية أو طوارئ صحية عامة أو غيرها من الأحداث غير المتوقعة، تواجه القطاعات الحيوية والخدماتية للدول تحدياتٍ كبيرةٍ في تيسير شؤون وخدمات المواطنين، ويأتي قطاع التعليم في طليعة القطاعات المتضررة من الحالات الطارئة حيث تواجه النُظم التعليمية مشكلة الحفاظ على استمرارية التعليم والتعلم، خاصة في ظل الحالات التي قد تؤدي لإغلاق المؤسسات التعليمية نتيجة الحالات الطارئة أو النزوح الداخلي والخارجي، حيث يمكن أن تشكل تلك التحديات على الفصول الدراسية التقليدية تداعياتٍ خطيرةٍ تتمثل في فاقد تعليمي معرفي واجتماعي يطال التقدم الأكاديمي للطلبة وتطورهم العام.
إيُعدُّ الفاقد التعليمي Learning Loss من أهمّ المشكلات التعليمية والتربويّة التي تواجه قطاع التعليم في عدد كبير من الدول، حيث أنه يشير إلى مقدار الوقت والجهد والأموال التي يتم إنفاقها على العملية التعليمية بدون التمكن من الوصول إلى النتائج المنشودة، سواء نتيجة تسرّب الطلبة من التعليم أو عدم التمكن من مواصلة العملية التعليمية أو نتيجة للأزمات وحالات الطوارئ التي تؤدي للانقطاع المؤقت أو الممتد عن المدارس؛ والذي غالبًا ما توفره المدارس أثناء تواجد الطلبة حضوريًا؛ ممّا قد يؤدّي إلى وجود فاقد تعليمي تراكمي كبير الأثر.
وبالتالي فإن حجم الفاقد التعليمي ومدى خطورته يختلف من دولة إلى أخرى حسب قدرة الدولة للاستجابة والتعافي من الأزمة وحسب مستوى التنمية في نظم التعليم بكل دولة؛ مما يؤثر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة Sustainable Development Goals 2030-SDG، الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة United Nations -UN؛ فيما يخص الهدف الرابع والذي يشير إلى “ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع”.
ولذلك أشار الأمين العام للأمم المتحدة انطوينو غوتيريس (António Guterres) في تصريح له خلال اليوم العالمي للتعليم، إلى أنّ جائحة كورونا كوفيد-19 أدّت إلى فوضى عارمة في المنظومات التعليميّة في كافة أرجاء العالم. وما يزيد الأمر سوءًا بحسب تصريح الأمين العام هو ليس فقط موضوع الوصول إلى التعليم أو اللامساواة المتزايدة في الحصول عليه كمًا ونوعًا، بل هو موضوع التغيّر المستمر والمتسارع الوتيرة لنُظم التعليم ومقارباته التي تتسابق مع احتياجات سوق العمل الجديد والابتكارات التكنولوجية المذهلة إضافة إلى التغيّر المناخي وتدنّي ثقة المجتمعات بالمؤسّسات.
وبالرغم من أن الفاقد التعليمي بات يمثل خطرًا واضحًا على مستقبل الأفراد والمجتمعات، إلا أنه لا يوجد توثيق علمي لهذا الفاقد على نطاق واسع، لا سيّما واقع الممارسات التي تقيس مدى تأثير التعليم المنزلي مقارنة بالتعليم الحضوري، وكذلك فيما يتعلق بالجوانب العاطفية الاجتماعية للطلبة؛ ربما بسبب غياب المعلومات والاحصاءات بهذا الشأن، كذلك فإنه على صعيد استراتيجيات التعافي لم تكن الدول العربيّة بمنأى عن محاولات السعي العالمي للتعافي من آثار الفاقد التعليمي، ولأن استجابات الدول في مواجهة تلك الأزمات وما ترتب عليها من فاقد تعليمي، وفي طرحها للحلول وإجراءات التعافي، قد تفاوتت بتفاوت إمكانيّاتها ومستوى تقدّمها على سلّم التنمية ومستوى استحضارها للعلم والحلول العلمية، فكان ثمة تجارب قد كتب لها النجاح، وتجارب أخرى قد أخفقت.
ومن هذا المنطلق تأصلت الحاجة إلى ضرورة دراسة الفاقد التعليمي بشكل علمي ومنهجي يستهدف الحالة العربية في ضوء التجارب الدولية وذلك لدعم جهود الدول العربية في تحديد آليات لقياس الفاقد التعليمي وكذلك سياسات واستراتيجيّات التعافي لتعويض هذا الفاقد لتفادي الفجوات التربوية والتي من المؤكّد أن يكون لها تأثير كبير على المدى البعيد اجتماعيًّا واقتصاديًّا. ومن هنا كانت الحاجة إلى تحليل الفاقد التعليميّ، من حيث آليات قياسه واستراتيجيات التعافي منها والوقوف على الأسباب الحقيقيّة لهذا الفاقد على المدى القصير والطويل، وذلك من أجل وضع العديد من السيناريوهات الّتي تساعد على تجاوز أزمات التعليم بغية الوصول إلى نموذج وإطار تعليميّ يمكن استخدامه واللجوء إليه في مختلف أنواع الأزمات الطارئة المستقبلية، وتاليًا تحقيق التقدّم المطلوب للعديد من الدول العربيّة.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة التركيز على الفاقد التعليميّ في إطار مفهومٍ شموليّ يشمل الفاقد المعرفيّ، والفاقد العاطفي الاجتماعيّ الناتج عن عدم وجود الطلبة في المدارس وغياب التعليم الحضوريّ. فضلا عن تقييم الوضع الحاليّ لآليّات وأدوات وأساليب قياس الفاقد التعليميّ في ضوء الاستفادة من تجارب وتحليل سياسات الممارسات الفضلى الدوليّة والعربية في قياس مقدار الفاقد التعليميّ، وتنفيذ إجراءات التعافي، إذ إن ثراء الخبرات الدوليّة في هذا الشأن يجعلها منطلقًا تربويًا ومهنيًا يساعد في طرح رؤى وتوجّهات مستقبليّة يمكن أن تستفيد منها الدول العربيّة، وذلك لأنّ تناول الخبرات الدوليّة والعربيّة معًا له فائدته الكبيرة في وضعِ تصوّر شامل لتحديد منهجيّات وآليّات قياس الفاقد التعليميّ، وكذلك تحديد الإجراءات والاستراتيجيّات الّتي يمكن استخدامها بفاعلية للتعافي من الآثار السلبيّة لهذا الفاقد التعليميّ في بعديه الاجتماعي والمعرفي.
الأهداف
- التعرّف إلى الأبعاد المختلفة لظاهرة الفاقد التعليميّ وتحديد أهمّ المؤشّرات المساعدة على تعرّف وجود هذه الظاهرة.
- تحليل المظاهر، الأسباب والنتائج الأساسيّة للفاقد التعليميّ في الدول العربيّة أثناء جائحة كورونا.
- تحديد أفضل الممارسات العالميّة والعربية في التعافي من جائحة كورونا على المستوى التعليميّ.
- التعاون والتكامل مع المنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة بجودة التعليم وتميزه.
- رصد تصوّر مستقبليّ قادر على تحقيق متطلّبات التعافي من الفاقد التعليميّ في التعليم العامّ في الدول العربيّة.
المحاور
- مفهوم وملامح الفاقد التعليمي.
- أبعاد الفاقد التعليمي.
- أسباب وآثار الفاقد التعليمي في ظل جائحة كورونا.
- مؤشرات وأدوات قياس الفاقد التعليمي.
- استراتيجيات التعافي من الفاقد التعليمي.
- إطار مستقبلي مقترح للحد من الفاقد التعليمي وتحقيق التعافي من تبعاته.
المشاركون
سيجتمع وافتراضيًا عبر برنامج ZOOM العديد من المفكرين والخبراء والباحثين وصناع القرار التربوي والأكاديميين والمعلمين ومديري المدارس، وممثلين عن وزارات التربية والتعليم واللجان الوطنية ومؤسسات وطنية وإقليمية ودولية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، معنيون بجودة وتميز التعليم في العالم العربي.
استراجية الورشة
تعقد الورشة الإقليمية على مدى يوم واحد لاستعراض مخرجات دراسة مشروع (الفاقد التعليمي في التعليم العام أثناء جائحة كورونا في الدول العربية) بإشراف من مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم من أجل تقديم إطار مقترح لضمان استمرار التعليم في حالات الأزمات والطوارئ، وتطوير أدوات وآليات قياس الفاقد التعليمي واستراتيجيات التعافي من تبعاته في الدول العربية في ضوء فضلى الممارسات العالمية بما يتناسب مع واقع تلك الدول، تتخللها مداخلات نوعية؛ كما يتم تزويد المشاركين بالفرصة للتحاوُر، وتبادل أفضل الممارسات المختلفة. يُشارُ إلى أنّ المشاركة في الورشة ستكون بدعوة مفتوحة للمتخصصين والخبراء والمهتمين.
لغة الورشة
لغة الورشة ستكونُ اللغة العربية، كما سيتمّ تأمين الترجمة الفورية باللغة الإنجليزية من خلال تطبيق برنامج ZOOM وكذلك لغة الإشارة
الجهة المنظمة
مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم.
الجهات المدعوة
- مراكز ومكاتب اليونسكو الإقليمية.
- المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية.
- وزارات التربية والتعليم بالدول العربية.
- اللجان الوطنية للتربية والثقافة والعلوم
- هيئات تقويم التعليم بالدول العربية.
- المؤسسات والهيئات ذات العلاقة.
- الخبراء والمتخصصون والمهتمون.
المخرجات المتوقعة
- تعزيز نشر ثقافة الجودة والتميز في التعليم في الدول العربية والإسلامية.
- تعزيز التكامل بين المنظمات الإقليمية والدولية لدعم تحقيق مؤشرات الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة.
- تحفيز نظم التعليم وصناع القرار التربوي لتسريع التوجه نحو تمكين المتعلمين من المهارات والقيم الداعمة لجودة التعلم.
- توصيات إجرائية لتعزيز التحول نحو جودة التعلم لاستجابة نظم التعليم في الدول العربية والإسلامية للتحولات الكبرى في السياق العالمي المتغير.
الورشة الإقليمية
الفاقد التعليمي في التعليم العام أثناء جائحة كورونا في الدول العربية
الأربعاء 2024/11/06م
10 ص – 2:30 م بتوقيت السعودية
من خلال التواصل المرئي والمسموع
المركز الإقليمي للجودة والتميز في التعليم تحت إشراف منظمة اليونسكو
Regional Center for Quality & Excellence in Education Under the auspices of UNESCO
مركز الاتصال الموحد 920003217
P.O Box 11226 Jubail 35814 3720, Al Hijaz , Al Jubil 35814 – 7546